للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد توقف العلماء عند هذه الفتن وحذروا منها غاية التحذير وأبانوا عن آثارها المرة ونتائجها السلبية على الإسلام والمسلمين، من أمثال وقعة الحرة، وفتنة ابن الأشعث التي قال عنها ابن كثير رحمه الله: «ولهذا لما كانت هذه زلة وفلتة نشأ بسببها شر كبير، هلك فيه خلق كثير، فإنا لله وإنا إليه راجعون» (١).

وتوقف الحافظ ابن حجر رحمه الله مشيرًا إلى مذهب السلف الذي استفزوا عليه بعدما حدث من الفتن والاقتتال مؤكدًا على عدم الخروج على الأئمة- وإن كانوا أئمة جور فقال: وقولهم كان يرى السيف، يعني كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور، وهذا مذهب للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه، ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما غطة لمن تدبر بمثل هذا الرأي .. » (٢).

أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ويكشف الحقيقة أكثر، ويفصل ويحذر من أسباب الفتن ويعزوها إلى أطراف ثلاثة:

١ - فئة مذنبة.

٢ - وأخرى ساكتة عن أمرهم ونهيهم.

٣ - وثالثة منكرة لكن إنكارًا منهيًا عنه.

ويقول من تدبر الفتن الواقعة رأس سببها ذلك وهذا نص كلامه رحمه الله فتأملوه، بقوله: وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة، ويسكت آخرون عن الأمر والنهي فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكارًا منهيًا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق


(١) (البداية والنهاية ٩/ ٥٩ سنة: ٨٤ هـ).
(٢) (تهذيب التهذيب ٢/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>