للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن عبد مع الله غيره، أو ابتغى غير الإسلام دينًا، فهو كافرٌ لابد من تكفيره والبراءة منه ومعاداته، قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (١).

تلك الحنيفية التي أُمِرْنا بالاقتداء بها، ومن رغب عنها فقد سفه نفسه، أما الاستمساك بالعروة الوثقى فشرطها الكفر بالطاغوت والإيمان بالله {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} (٢).

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب، يرحمه الله، (وصفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها، وتُكفِّر أهلها، وتعاديهم) (٣).

أيها المسلمون، وحين تغيب هذه الحقائق المهمة في المعتقد، فيضعف الإحساس بالولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين، وتندثر في دنيا العلاقات المحبة في الله والبغض في الله، ويغيب التميز في الثقافات، وتُنسى أصالة الفكر واختلاف المعتقدات، هنا يقع الخلل، ويرتعُ الهملُ، وتشيع بين الناس دعوات باطلةٌ، وأفكار مضللةٌ، ظاهرها التسامحُ والحرية، وباطنها الكفرُ وفرضُ التبعية، وتُقامُ المؤتمراتُ العالمية، وتكثر الملتقيات والحوارات من أجل تقرير وحدة الأديان، ومقارنة الأديان، وإزالة الخلاف العقدي، وإسقاط الفوارق الأساسية بين الأديان، والثشبثُ بأمور بسيطة يخدعون بها الدهماء من الناس، ويجعلونها أساسًا للوحدة المزعومة، وربما سمعت مصطلح «الديانة الإبراهيمية» أو «الديانة العالمية»، وإبراهيم عليه السلام بريء من أي لون من ألوان


(١) سورة الممتحنة، الآية: ٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٥٦.
(٣) أنظر: التبيان شرح نواقض الإسلام/ العلوان/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>