للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تلقاء نفسه؟ والله يقول عنه:

{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (١). ويعصمه الله من الزلل والأقاويل الباطلة ويقول: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (٤٤) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} (٢).

ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس فقال فيهم: «لا أعرفن الرجل منكم يأتيه الأمر من أمري، إمَّا أمرت به أو نهيت عنه، وهو متكئئٌ على أريكته فيقول: ما ندري ما هذا؟ عندنا كتاب الله، وليس هذا فيه، وما لرسوله الله يقول ما يخالف القرآن، وبالقرآن هداه الله» (٣).

بل لقد جاء الأمر بلزوم سنته صريحًا في القرآن {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (٤). فهل ينتهي المنافقون ويستيقظ الغافلون لما أراد بهم؟ .

على أن رفض هدي محمد صلى الله عليه وسلم يتخذ شكلاً آخر، يتجاوز القول إلى العمل، وذلك برفض التحاكم إلى شريعته في كل شيء، والعدول عنها إلى قوانين وضعية- سمّاها الشيخ «حكم الطاغوت» - زعموا أنها أصلح للحياة المعاصرة، وتلك وربي ردةٌ جديدة بُليَ بها شعوب العالم الإسلامي في القرون الأخيرة، ولقد عاش المجتمع الإسلامي قرونًا طوالاً يستظلُّ بشرع الله، وتهيمن الشريعة على حياة أفراده حُكامًا ومحكومين، مع وجود بعض المعاصي سواء كانت كبائر أم صغائر، ولكن النظام السائد هو شرع الله وحكمه، كما كان جهادُ الكُفَّار مُستمرًا، ونشر الإسلام متواصلاً.


(١) سورة النجم، الآيتان: ٣، ٤.
(٢) سورة الحاقة، الآيات: ٤٤ - ٤٦.
(٣) أخرجه الترمذي وأبو داود ورزين وإسناده صحيح (جامع الأصول ١/ ٨٣).
(٤) سورة الحشر، الآية: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>