للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيوية الأخرى .. وكل ذلك يقع لأن المسلمين تفرقوا شيعًا، وظاهروا إن من لم يرقُب فيهم أو في إخوانهم إلاً ولا ذمة.

ولو أن المسلمين اعتصموا بحبل الله جميعًا ولم يتفرقوا، وساد حكم الشريعة التي ينتمون لها أنظمتهم كلها، وأقاموا الدين منزلته التي أنزله الله إياها.

لو وقع هذا لتغير الحال، ولامتدت روافد الإسلام إلى أصقاع المعمورة بدل أن يكون شغل المسلمين الشاغل الدفاع عن حقوقهم المشروعة، والتشبث بهويتهم الأصلية. وصدق الله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (١).

الناقض التاسع من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر، ذلكم لأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة للشرائع السماوية قبلها، والقرآن مهيمنٌ على الكتب قبله، وقد حكم الله أنه لا يقبل دينًا غير دين الإسلام، وأخبر عليه الصلاة والسلام (أنه لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة، يهوديٌّ ولا نصراني، ثم يموت ولا يؤمن بالذي أُرسلتُ به إلا كان من أصحاب النار) (٢).

فإذا كان هذا شأن اليهود والنصارى فلا تسأل عن غيرهم، بل لقد أبصر النبي صلى الله عليه وسلم في يد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ورقةً من التوراة فقال: «أمتهوكون يا بن الخطاب؟ ! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيًا واتبعتموه وتركتموني لضللتم» وفي رواية «لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي، قال عمر: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا (٣).


(١) سورة الرعد، الآية: ١١.
(٢) رواه مسلم، مختصر المنذري/ ١٣، ح ٢٠.
(٣) قال صاحب النهاية: التهوك: التهور، وهو الوقوع في الأمر بغير روية (٥/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>