من المسلمين {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} فالإخلال بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والميل ولو قليلاً إلى الدنيا، يستحق العقوبة في الدنيا، ولو كان المخطئون من خيار خلق الله وفيهم الرسول صلى الله عليه وسلم!
ولم يكن درسُ أُحد الأول والأخير من نوعه، فحينما أعجبَ المسلمين كثرتهم في حنين، وساد شعور عند بعضهم أنهم لن يُغلبوا من قلة، وقع لهم ما وقع من الضيق والهزيمة وولوا على إثرها مدبرين، ومع أن الله أنزل السكينة على رسوله والمؤمنين، وتبدلت الهزيمة نصرًا، فقد أنزل الله من آيات القرآن ما يكفي للعظة والاعتبار عبر القرون {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}(١).
أيها المسلمون، إن ضعف نقد الذات أو تناسي أثر الخطيئة، أو التقليل من شأن عيوب النفس مدخلٌ واسعٌ من مداخل الشيطان، وهو قيدٌ دون بلوغ المعالي، وسببٌ مهمٌ من أسباب تأخر النصر. ويتساءل البعض أذلك أمر واقع؟ ماذا كان فما هي مظاهر ضعف نقد الذات؟ وما هي الآثار السيئة التي تخلفها على الفرد والمجتمع؟ وكيف الطريق لنقد ذواتنا وإصلاح أنفسنا؟ وهل من نماذج تُضيء طريقنا؟ .
إن الواقع خير شاهدٍ على ضعف الاهتمام بهذا الجانب المهم، ولكن من الناس من يمارس هذا الداء وهو به عالم، وإنما يمارسه استخفافًا بعقول الآخرين، أو مخادعة ونفاقًا للمسلمين. وهؤلاء غير معنيين بحديث اليوم فلهم حديثٌ آخر أخصُّ وأشملُ. أما الصنف الآخر فهم الذين يجهلون الداء وإن كانوا واقعين فيه، ويستغربون الأمر وإن كانوا من أهله ..