للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتوكل على الله طريق السعادة فأسعد الناس في هذه الحياة هم المتوكلون على الله حق توكله، إذ ليست السعادة بالأموال الطائلة ولا بالزينة الظاهرة، ولكنها الطمأنينة في القلب وهدوء البال وراحة الضمير، والاستعداد ليوم الرحيل وتلك وربي لا تحصل إلا بالتوكل واليقين، ولعل هذا يفسر لكم سر شقاء القوم الكافرين مهما توفرت لهم ملاذ الحياة وتهيأ لهم من سبل الراحة، ويفسر لكم من جانب آخر كيف نال السعادة أقوام عاشوا بالأكواخ أو شبهها وقامت بنيان بيوتهم على جريد النخل أو نحوها، كانوا يأكلون القديد ويفترشون الحصير حتى أثرت في جنوبهم، ومع ذلك كانت السعادة تغمر حياتهم في الدنيا وهم في الآخرة في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وعلى قدر نقصان مكيال التوكل يقل حجم السعادة كافرًا كان أم فاسقًا.

ففي التوكل على الله باب واسع للرزق {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} ويلهث دون جدوى أولئك الذين يعلقون رزق الله على مجهودهم دون ربطه بحبل التوكل على الله، وفي حياة الناس عبرة فأنت ترى فئامًا من الناس يجهدون أنفسهم وربما واصلوا ليلهم بنهارهم في سبيل البحث عن الدرهم والدينار وقد تراهم من أفقر خلق الله وقد لا يوفرون لأنفسهم لقمة العيش فيضطرون إلى سؤال الناس واستجدائهم في حين ترى خلقًا من خلق الله أضعف حيلاً وأقل تفكيرًا وقد ضمن الله رزقهم وكفاهم من عنده، ويا له من حديث عظيم رواه عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا».

ولماذا لا يتوكل المسلم على الله ويثق بما عنده وهو يعلم أن الأجل محدود، والرزق مضمون، وقد قدر للمرء نصيبه من هذه الحياة وهو بعد لم ير النور.

<<  <  ج: ص:  >  >>