للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان أحدٌ يعفى من آثار خطئه لعفي عن الصحابة الأبرار رضي الله عنهم، فحين وقع الخطأ منهم حصل ما وقع لهم من الشدة والمصيبة في غزوة أحد وقال الله لهم: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١).

وليس لأحد أن يتطير بأحدٍ أو ينسب الشر إليه، مع ما هو واقع فيه هو والمجتمع من حوله من ذنوب وسيئات، وهل نفع آل فرعون حين تطيروا بموسى عليه السلام وحاولوا ترحيل أخطائهم إليه، وتحميل أوزارهم عليه، لقد استنكر القرآن صنيعهم، وأوحى الله فيما أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بيانًا صادقًا لأسباب مصائبهم ونكباتهم فقال تعالي: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (٢).

ويرحم الله أقوامًا كانوا يعرفون أثر معاصيهم في دوابهم التي تحملهم، فإذا أخطؤوا، وجفلت بهم دوابهم تذّكروا خطأهم بتغير خُلُق دوابهم أو بمعصية نسائهم أو لعقوق أبنائهم أو بشدة مواليهم، وعادوا يستغفرون ربهم ويتوبون إليه من أخطائهم، أولئك يرون بنور الله، وأولئك الموفقون لطاعته، وأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

أما الغافلون .. أما اللاهون السادرون، فأولئك تمر المصائب تترى فلا يعون أو يتذكرون، ويُفتنون في كل عام مرةً أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ... وتلك علامة من علامات موت القلوب، ولا قيمة للجسد إذا انتفخ على حساب


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٦٥.
(٢) سورة الأعراف، الآيتان: ١٣٠، ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>