للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فقال: تلك السكينة تنزلت للقرآن (١).

إخوة الإيمان، وكذلك يكون أثر القرآن حين يتلى، وليس بمستغرب أن يحيل القرآن قلوب اللصوص المجرمين إلى قلوب علماء متميزين، وعباد صالحين، والفضيل بن عياض العالم العابد- عليه رحمة الله- نموذج واضح لما أقوله وقد حكى الذهبي في سير أعلام النبلاء قصة توبته وتأثره بالقرآن فقال: كان الفضيل ابن عياش شاطرًا، (يقطع الطريق) بين أبيورد وسرجس وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليًا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ... الآية} (٢) فلما سمعها قال: بلى يا رب، قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة (أي مسافرون)، فقال بعضهم نرحل، وقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين هنا يخافونني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام (٣) رحم الله الفضيل حجة زمانه، وعابد دهره، وأورع الناس من حوله .. وأكرم وأعظم بهذا الكتاب الذي أحيا أمة بعد أن كانت في عداد الموتى.

وصدق الله، وهو أصدق القائلين {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (٤).

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه .. وألان قلوبنا وفقهها لمحكم تنزيله .. أقول هذا وأستغفر الله.


(١) مسلم ١/ ٥٤٧، ٥٤٨.
(٢) سورة الحديد، الآية: ١٦
(٣) السير ٨/ ٣٧٣.
(٤) سورة الحشر، الآية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>