للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ممن فزع لهذه الآية أبو بكر الصديق رضي الله عنه- وهو في الفضل والبر والإيمان- فجاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كيف الصلاح يا رسول الله مع هذا؟ كل شيء عملنا جزينا به؟ فقال غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تنصب، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟ قال: بلى، قال: فذلك مما تجزون به (١) ..

أيها المسلمون هل نعي هذه المعاني، وتكون نبراسًا يضيء لنا الطريق في هذه الحياة، وهل نربط بين المصائب والذنوب والمعاصي، وهل نتجرد في إصلاح ذواتنا ومعرفة أقصر الطرق لرفع المحن والمصائب عنا، وعن أمتنا .. أو نستمر في الخطأ، ونرتكس في أوحال الخطيئة، فننتقل من بلية إلى أخرى، ومن وضع مُردٍ إلى آخر أسوأ منه؟ ذلك خياره بأيدينا .. لكن لنثق أن الله تعالى لن يغير ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٢). وسوف تستمر تجاربنا الخاطئة حتى نهتدي إلى صراط الله المستقيم. وسنظل نتخبط في الظلمات، حقي نفيء إلى أنفسنا ونبصر نور الله، والمصيبة أن الشقاوة لا تنتهي في هذه الحياة الدنيا، فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، ومن يضلل الله فما له من هاد.


(١) تفسير القرطبي ٥/ ٣٩٦ - ٣٩٨.
(٢) سورة الرعد، الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>