للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشرك، رافضًا للشركاء مخلصًا لله في عبادته، وتأملوا كيف تربط شعائر الحج بعدم الإشراك بالله منذ أن بوأ الله لخليله عليه الإسلام مكان البيت، يقول تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (١). قال المفسرون: هذا فيه تقريع وتوبيخ لمن عبد غير الله، وأشرك به من قريش في البقعة التي أسست أول يوم على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، وقوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. أي طهره من الشرك واجعله خالصًا لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له (٢).

ثم يقول تعالى في الآيات بعدها: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} (٣).

وهكذا يرتبط التوحيد الخالص بالحج، ويجب أن يعود الحجاج من حجهم وقد تخلصوا من الشرك دقيقه وجليله، حقيره وعظيمه، فلا طواف حول القبور ولا استغاثة إلا بالله، ولا محبة إلا في الله، ولله، ولا عبادة للدرهم والدينار، ولا ذهاب للسحرة والكهان والعرافين .. وتلك وربي، من منافع الحج، وما فقه الحج ومنافعه من عاد يمارس شيئًا من أنواع الشرك التي حرم الله، وإياك أخي المسلم، أن تعرض نفسك للخطر، وتخرجها من دائرة الذين يغفر الله لهم ثم إذ يقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} (٤).


(١) سورة الحج، الآية: ٢٦.
(٢) تفسير ابن كثير ٤/ ٤٠٩.
(٣) سورة الحج، الآيتان: ٣٠، ٣٩،
(٤) سورة النساء، الآية: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>