إن مغفرة الذنوب هدف يسعى الخيرون له، ولكن هناك هدفًا آخر أعلى وأغلى، ألا وهو رفعة الدرجات في الجنات، وما فتئ المؤمنون يتنافسون في الحصول على هذه الدرجات أشد من تنافس أهل الدنيا بدنياهم، وتشهد الأرض في كل زمان رجالاً يمشون على هذه الأرض، وهم من أصحاب الدرجات العلى في الجنة، ليس بينهم وبين الجنة إلا أن يموتوا، وقد ختم الله لهم بالخير وثبتهم على الحق.
أما الذين ماتوا وحطوا رحالهم في الجنة فأولئك لا خوف ولا هم يحزنون، نسأل الله أن يلحقنا بهم وأن يثبتنا على الحق كما ثبتهم.
إخوة الإيمان، وطريق الجنة لاشك محفوف بالمكاره والمخاطر، ومعرض فيه السائر لأنواع من الفتن والبلايا .. ولكن الله تعالى يعين السائرين، ويوفق العاملين، ويسدد الخطا، ويغفر الزلات للمستغفرين.، ويهيئ دائمًا للناس فيه فرص الخير ما يكفرون به السيئات، ويرتفعون في الدرجات، فهل نحس بهذه النعمة؟ وهل نشكر المنعم على هذا الإحسان؟ إن اللبيب حقًا من يحضر الموسم، فإذا كان المغنم أمسك به ولم يفوت بقدر المستطاع، حتى يكسب في المغنم الآخر وهكذا- لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها- وليس الناس ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ولكن الارتفاع بالنفس عن الكبائر والموبقات المهلكات، والتزود من عمل الصالحات، التي يكفر الله بها السيئات، وكلما أحس الإنسان بتقصير ضاعف العمل حتى يسدد النقص والخلل ..
إخوة الإيمان، ومن فضل الله ورحمته أن هذا الموسم من مواسم الخير يأتي في نهاية عام أثقلت فيه الكواهل بحمل الخطايا والسيئات .. ثم تتاح الفرصة للتخفيف منها، واستقبال العام الجديد بصحف بيضاء، وهمم عالية، لا مكان