للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على محارمه، ومع شدة التتر وقسوتهم وضعف المسلمين ومسكنتهم اجتمع قضاة المسلمين والشهود والفقهاء فدخلوا القلعة وشكوه إلى متسلمها من قبل التتر (أبل سيان) وكان معظمًا لدين النصارى- وما كان متوقع من هذا وأمثاله خيرًا، وقد كان، فقد طرد هؤلاء وأهانهم- لكنهم أدوا ما عليهم (١).

وبإزاء هذه الظروف الصعبة، وفي مقابل هذا الهوان والذل المستشري من معظم ملوك الإسلام- في تلك الفترة- ينتصب الملك المظفر قطز يرحمه الله- للمهمة، ويعلن راية الجهاد خفاقة، ويستعين بالله، ويستشير العلماء ويدنيهم، وينصح للأمراء المتخاذلين ويحذرهم، ويحملهم مسؤولية حرمات المسلمين ويقول: (يا أمراء المسلمين لكم زمان وأنتم تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين) (٢).

وقطز هذا موصوف بالفروسية والشجاعة، وحسن السياسة ومتانة الديانة، محببًا للرعية كما يقول الذهبي (سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٢٠٠) ويقول عنه ابن كثير: وكان رجلاً صالحًا كثير الصلاة في الجماعة ولا يتعاطى المسكر ولا شيئًا مما يتعاطاه الملوك (٣).

وقال في موضع آخر: وقد كان قطز شجاعًا بطلًا كثير الخير ناصحًا للإسلام وأهله، وكان الناس يحبونه ويدعون له كثيرًا (٤).


(١) البداية والنهاية ١٣/ ٢٠٨، ٢٠٩.
(٢) الخالدي، العالم الإسلامي والغزو المغولي/ ٩٩.
(٣) البداية ١٣/ ٢١١.
(٤) المصدر السابق ١٣/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>