للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلوات أقل وأسلم من غيرهم، وأقرب إلى الخير وأبعد عن الشر، والقرآن الكريم يصدق هذا كله {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} (١).

أيها المسلم، أنت محتاج إلى إعانة الله وتوفيقه إياك في كل لحظة، وفي كل عمل، وفي أي زمان أو مكان، أليس كذلك؟ إذا لم يكن عون من الله للفتى، فأول ما يجني عليه اجتهاده، وإذا كان ذلك كذلك فلا تنس أن في الصلاة عونًا ومساعدة، واستمع إلى خالقك حين يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (٢).

وقد فقه ذلك خير البرية عليه الصلاة والسلام فكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، واقتفى أثره من بعده صحابته الكرام، فكانت الصلاة ملاذهم عند الشدائد والمحن، ومستراحهم في عتمات الليل والناس هجع، أو في ضحى النهار والناس في هلع، أو عند الصائب والناس شأنهم الجزع.

وقد روي أن ابن عباس، رضي الله عنهما، كان في مسيرة فنعي إليه ابن له فنزل، فصلى ركعتين، ثم استرجع، وقال: فعلنا كما أمرنا الله {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} (٣).

وهكذا كان خيار الأمة من بعدهم وإلى زماننا هذا، وأنت أحيانًا تسمع عن عالم من العلماء أو داعية من الدعاة، أو مجاهد من المجاهدين تسمع عن هؤلاء أنهم يقومون بأعمال تعجب لقيامهم بها لكثرتها وثقلها على النفس، لكن عجبك يزول حينما تعلم حرص هؤلاء على الصلاة التي اتخذوها وسيلة لمناجاة ربهم


(١) سورة المعارج، الآيات: ١٩ - ٢٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٥٣.
(٣) ذكره السيوطي في الإكليل، عن الصلاة والقرآن/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>