وكان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي من الليل ثم يقول: يا نافع هل جاء السحر؟ فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح، ونقل عن حاطب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: رب أمرتني فأطعتك، وهذا سحر فاغفر لي، فنظرت فإذا ابن مسعود رضي الله عنه (وكأنه تأول قوله تعالى: والمستغفرين بالأسحار).
إخوة الإسلام والإيمان، تزودوا من دنياكم لآخرتكم ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، وليس بغائب عنكم أن الدنيا ظل زائل، وهي حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون؟ وبأي واد ترتعون؟ وأي طريق تسلكون؟ ويا ويح من عض أصابع الندامة والحزن والروح تبلغ الحلقوم، وهيهات أن يعاد المرء إلى الحياة الدنيا بعد أن خرج منها وأعطي من المهلة ما هو كاف للامتحان، ومهما كانت ذنوبك وخطاياك فقف باب ربك سائلاً ومستغفرًا، واستمع إلى قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٥٩) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠)} (١).