للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحيوان والطير، فقد ذكر البخاري في صحيحه عن أبي رجاء العطاردي أنه رأى في الجاهلية قردًا يزني بقردة فاجتمعت القرود عليه حتى رجمته، وقال ابن تيمية: وحدثني بعض الشيوخ الصادقين أنه رأى نوعًا من الطير قد باض، فأخذ الناس بيضه وجاؤوا ببيض جنس آخر من الطير، فلما انفقس البيض خرجت الفراخ من غير الجنس، فجعل الذكر يطلب جنسه حتى اجتمع منهن عدد، فما زالوا بالأنثى حتى قتلوها. قال الشيخ: مثل هذا معروف في عادة البهائم (١).

أختاه في الله، ولِعِظَم جرم الزنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء على عدم مقارفته، كما يبايعهن على عدم الإشراك بالله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ ... } (٢)

وكان العرب، وهم مشركون، يحرمون الفواحش، وربما قتل بعضهم البنات خشية العار، فنهى القرآن عن قتلهن بغير حق، ورتَّب العقوبة المناسبة للفاحشة، ولهذا استغربت هند بنت عتبة بن ربيعة، حين بايعها النبي صلى الله عليه وسلم، فيما بايعها على عدم الزنى وقالت: أوَ تزني الحرة؟ وكان الزنى معروفًا عندهم في الإماء (٣).

أيها المسلمون والمسلمات، وليس شيءٌ يقع إلا وله أسباب، ومعرفتنا بالأسباب والعوامل المؤدية لفاحشة الزنى تضع أيدينا على الداء، والوقاية منها وسد الطرق الموصلة إليها يكمن فيها العلاج والدواء، والعاقل مَن وعى هذه الأسباب، وأبعد نفسه عن مخاطرها، وتأمل طرق العلاج وألزم نفسه فيها.

وأول الأسباب المؤدية للزنى وأحراها ضعف الإيمان واليقين، فإذا ضعف هذا العامل نسي المرء أو تناسى الوعد والوعيد، وأمن العقوبة، وتباعد


(١) الفتاوى ١٥/ ١٤٧.
(٢) سورة الممتحنة، الآية: ١٢.
(٣) الفتاوى ١٥/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>