للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإيمان، وكم نظرةٍ محرَّمةٍ قادت إلى نظرات أخرى، وقادت النظرات إلى همسات، ثم مواعد فلقاء، ومعظم النار من مستصغر الشرر:

كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها ... فتك السهام بلا قوس ولا ترِ

والمرء ما دام ذا عين يُقَلِّبُها ... في أعيُن الغيد موقوفٌ على الخطرِ

يسرُّ مُقلتَه ما ضرَّ مهجته ... لا مرحبًا بسرورٍ جاء بالضرر

قال الإمام القرطبي رحمه الله: ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمانه خير من زماننا هذا، وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمه نظرة شهوة يرددها (١).

فإذا كان هذا في القرن السابع الهجري فماذا لو رأى القرطبي زماننا نحن، ماذا عساه يقول عن كلام الشعبي؟ وإذا كان هذا في النظر إلى المحارم فكيف يكون الحال في النظر إلى الأجنبيات أو إلى الصور الخليعة أو المسلسلات الهابطة التي يختلط فيه النساء بالرجال؟

ومن الأسباب الداعية للزنا أيتها المرأة المسلمة: كثرة خروج المرأة وتبرج النساء، وتكسرهن في المشية، وإلانتهن في القول، فهذه وتلك فواتح للشر تطمع الذي في قلبه مرض. وتفتن المستمسك إلا أن يعتصم بالله، وقد نهى الله نساء المؤمنين عن ذلك كله حماية لأعراضهن وصونًا لغيرهن من مواطن الريب، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} (٢).

ويقول تعالى مخاطبًا نساء النبي صلى الله عليه وسلم- وغيرهن من باب أولى-: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} (٣).


(١) تفسير القرطبي ١٢/ ٢٢٣.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٣٣.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>