للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ستنبئهم بصنيعهم هذا في حقك وهم لا يعرفونك ولا يستشعرون بك (١).

ومحنة الرق وهو ينتقل كالسلعة من يد إلى يد على غير إرادة منه، ودون تقدير أو معرفة من استرقه به، ولذا باعوه بأزهد الأثمان {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين} (٢).

قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: إن الضمير في قوله «وشروه» عائد على إخوة يوسف، وقال قتادة: بل هو عائد على السيارة، قال ابن كثير: والأول أقوى لأن قوله {وكانوا فيه من الزاهدين} إنما أراد إخوته لا أولئك السيارة، لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه (٣).

ومحنة كيد امرأة العزيز والنسوة وما صاحبها من إغراء وشهوة وفتنة، وما أشدها وأقساها! ! ويوسف عليه السلام في ريعان الشباب يمتلئ جسمه حيوية وقوة، وهو في حال غربة وعزبة، وأسباب الفاحشة ودواعيها تتهيأ له، فالمرأة هي الداعية، وقد تزينت بكل ما تملك، والدعوة في بيت آمن حيث منزل عزيز مصدر، والأبواب تغلق، ويبقى باب السماء مفتوحًا، فيتذكر يوسف عليه السلام من خلاله عظمة الله، ويتصور رقابته، ويرى برهان ربه، فيلوذ بحماه، وينتصر على الإغراء والشهوة، ويمتنع مقارفة الفاحشة، ويستحق أن يكون من عباد الله المخلصين {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} (٤).


(١) تفسير ابن كثير ٤/ ٣٠٢.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٢٠.
(٣) تفسير ابن كثير ٤/ ٣٠٥.
(٤) سورة يوسف، الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>