للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} (١).

أيها المسلمون، وتظل مساحة الغفلة عند كثير من المسلمين أكبر من مساحة اليقظة، رغم النوازل والنُّذر، وكفى بالقرآن واعظًا، وكفى بالقرآن على أعمال العباد حكمًا.

{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (١) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (٣) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٢).

ولئن تحدث القرآن، وأزرى بغفلة الكافرين واستهزائهم فكيف تسوغ الغفلة عند المسلمين، وهم يؤمنون بقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} (٣).

حاسبوا أنفسكم، معاشر المسلمين، على الدوام، قبل أن تحاسبوا، - وزنوها قبل أن توزنوا ... وتأمَّلوا في تتابع الليل والنهار، وتسارع الأيام والشهور والأعوام، واعلموا أن ذلك من أعماركم، وهي فرصٌ للتأمل والنجوى مع أنفسكم، إن لم تذكر بها الأيام والشهور ... فما أقل من ضرورة التذكر في انصرام عام ومجيء عام .. فمن أحسن ووفَّى فيما مضى فليستمر في الحسنى فيما يستقبل، ومن فرَّط أو سها فالفرصة لا تزال معه إذا ندم على ما مضى،


(١) سورة الحج، الآيتان: ١، ٢.
(٢) سورة الأنبياء، الآيات: ١ - ٤.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>