للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإسلام أن الكسلَ والتسويف بضاعةُ الحمقى والمفاليس ولذا قيل: تزوج التواني الكسلَ فتولد منهما الخسران (١).

وليس يخفى أن العمل، والعام، والشهر، واليومَ مضبوطٌ بساعات ودقائق وثوان لا تزيد، ولكنك مع ذلك تلحظ البون شاسعًا بين الناس في استثمارها، وكم بنى بها المشمرون قصورًا عالية في الجنان، وكم كانت سببًا لهلكة أقوامٍ ومعبرًا لهم إلى النار، كم شيد فيها أولو هممٍ وأصحابُ عزائم من بيوتٍ للعلم، أصبحت منابر تضيء للسالكين، وكم خمل فيها ذكرُ آخرين، ومرت عليهم السنون، وهم في ظلمات الجهل يتقلبون، كم أشاد فيها عاملون نشطون من صروح الحضارة ما بقي ذكره في العالمين .. وكم ثرب التاريخ على أمم عاشوا على فُتات حضارات الآخرين؟ !

إنه الزمن لك أو عليك، ومن لم يستثمر حياته بالخير وعملِ الصالحات قادته نفسه الأمارةُ بالسوء إلى مهاوي الردى وعمل السيئات، ولا ينفع الندم حين كشف الحساب عند أهل الغوايةِ والجهل، وبطول مُكثِهم وعدم استثمارِ أوقاتهم في الخير يشهد عليهم أهل العلم والإيمان {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} (٢).

إنه مشهد غائب حاضر لا يستبعده إلا الغافلون {مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَأن أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَن جَاهَدَ فَأنمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ أن اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (٣).


(١) ابن الجوذي، المدهش، عن ١٢٥ طريقة لحفظ الوقت ص ١٣٧.
(٢) سورة الروم، الآيات: ٥٥ - ٥٧.
(٣) سورة العنكبوت، الآيتان: ٥، ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>