للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن مسعودٍ رضي الله عنه: إن الله نظرَ في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد، بعد قلب محمدٍ صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خيرَ قلوبِ العباد فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيء» (١).

هم القوم أعلى شأنهم القرآن، وأثنى الله على المهاجرين والأنصار، ورضي الله عن أصحاب البيعة تحت الشجرة، وتاب على الذين اتبعوه في جيش العسرة من بعد ما كاد يزيغُ قلوبُ فريق منهم، ولئن فضل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على من أسلم بعدهم، فكلًا وعد الله الحسنى وكفاهم فخرًا- أن يقول الله فيهم ومن اتبعهم بإحسان- {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٢).

صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنةٌ للأمةِ، وبذهابهم أتى الأمةَ ما كانوا يوعدون، قال عليه الصلاة والسلام: «النجوُم أمنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمنةٌ لأصحابي فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» (٣).

قال صاحب النهاية: والأمنة في الحديث جمعُ أمين وهو الحافظ، وفي الحديث إشارةٌ بالجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير (٤).


(١) رواه أحمد، ١/ ٣٧٩ (٣٥٩٩).
(٢) سورة التوبة، أية: ١٠٠.
(٣) رواه مسلم ٤/ ١٩٦١.
(٤) النهاية في غريب الحديث والأثر ١/ ٧٠، ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>