للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المسلمون! ولفضل الصحابة يُفتح للمسلمين إذا كانوا فيهم، ويفتح لمن صحبهم، أو صحب من صحبهم، وتلك كانت هي فترات القوة للبعوثِ الإسلامية، والجهاد إلى بلاد الكفار، أخرج الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمانٌ يغزو فيه فئامٌ من الناس، فيقولون: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئامٌ من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمانٌ فيغزو فئامٌ من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحبَ من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم» (١).

وفي لفظ: «هل من فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وهذا الحديث يستفاد منه عدةُ أمور ومنها:

أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحكمَ بصحبته وعلق برؤيته، وجعل فتحَ اللهِ على المسلمين بسبب من رآه مؤمنًا به، وهذه الخاصيةُ لا تثبت لأحدٍ غير الصحابة، ولو كانت أعمالهم أكثر من أعمال الواحد من أصحابه صلى الله عليه وسلم (٢).

٢ - قال الحافظ ابن حجر: ويستفاد من الحديث بطلان قول من ادعى في هذه الأعصار المتأخرة الصحبةَ، لأن الخبرَ يتضمن استمرارَ الجهاد والبعوث إلى بلاد الكفار، وأنهم يسألون: هل فيكم أحدٌ من أصحابه؟ .. وكذلك في التابعين، وفي أتباع التابعين. وقد وقع كلُّ ذلك فيما مضى، وانقطعت البعوث عن بلاد الكفار في هذه الأعصار، بل انعكس الحال في ذلك على ما هو معلومٌ


(١) جامع الأصول ٨/ ٥٥١.
(٢) نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (الفتاوى ٤/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>