للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف لا يثير الشكر كوامن النفوس، وفينا ما يبيتون على أنعم الله، ويستيقظون على معاصي الله، تمتلئ بطوننا من رزق الله، وننام ملء جفوننا بنعمة الله، لا يعكر ذلك مرضٌ ولا خوفٌ، ولا قلق، يعسعس الليل، ويتنفس النهار، فلا صعدت المؤذن يحرك فينا ساكنًا، ولا انشقاق الفجر أو ظلمة الليل تذكرنا بعظمة الباري، فنزداد لله ذكرًا وتعظيمًا، ولأنعمه علينا شكرًا كما أراد الله لنا: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (١).

إخوة الإسلام! نحتاج لمزيد الحديث عن الشكر، لأنه صمام الأمان لبقاء النعم وزيادتها، وأمانٌ من العذاب إذا توفر الإيمان كما قال ربنا {مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (٢).

قال العارفون: ويا عجبًا أي مقام أرفعُ من الشكر، الذي يندرج فيه جميعُ مقامات الإيمان، حتى المحبة والرضا، والتوكل وغيرها، فإن الشكر لا يصح إلا بعد حصولها (٣).

أيها المسلمون! إذا علم حقيقة الشكر ومنزلتهُ، وحاجتنا جميعًا إليه، فما هي الأسباب المعينة على الشكر، وما هي المعوقات عنه؟

إن مما يعين على الشكر رضاك بما قدر الله لك، واعتقادك الخير فيما أصابك، فلستَ تدري الخيرُ فيما أوتيتَ أو منعت، قال عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره له كله خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له!


(١) سورة الفرقان، آية: ٦٢.
(٢) سورة النساء، آية: ١٤٧.
(٣) ابن القيم: مدارج السالكين ٢/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>