للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية إلى أن القصد من إنزال الملائكة في حادثة أحد هو هذا لا غير، ولهذا ذكرهم بنصرهم بواسطة الملائكة في حادثة بدر مع قلتهم لأخذهم بتعاليم الرسول، وكان مددهم بألف من الملائكة لأن عدوهم كان ألفا، قال تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ) الآية ١٠ من سورة الأنفال المارة فكان النصر لكم وفي واقعة أحد هذه قد أغاثكم أولا بثلاثة آلاف لتكثير سوادكم بأعين عدوكم، وإلا فملك واحد يكفي لإبادتهم، ألم تر كيف أدخل السيد جبريل جناحه تحت قرى قوم لوط الأربع ورفعها إلى العلو ثم قلبها كما مرت الإشارة إليه في الآية ٨٢ من سورة هود ج ٢، وان عدد الخمسة آلاف مشروط (١) بالصبر (٢) والتقوى (٣) ومجيء الكفار مددا، وبما أن مدد الكفار لم يأت لسماعهم بخذلان قومهم فالآية لا تشير إلى حضورهم إلا بتلك الشروط الثلاثة، وكان الوعد بإنزال الخمسة آلاف ليناسب عدد الكفار فيها كما كان الألف مناسبا لحادثة بدر بالنسبة لعددهم والله أعلم. قالوا إن الملائكة في حادثة أحد لم تقاتل إلا عند الدفاع عن الرسول.

روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: رأيت عن يمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد. وقال عمير بن إسحاق لما كان يوم أحد انجلى القوم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبقي سعد بن مالك يرمي وفتى شاب يتنبل له كلما فنى النبل أتاه فنثره وقال إرم أبا إسحاق، إرم أبا إسحاق، فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرف ذلك الرجل. ولهذا قال ابن عباس إن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر، وفي بقية الحوادث تنزل تكثيرا لسواد المسلمين، وحمل ما جاء في هذا الحديث وهذا الخبر على أنهما كانا جبريل وميكائيل، ومعنى يقاتلان أي يذبان ويدافعان عنه ويردان ضربات المشركين عنه بعد ما أصابه ما أصابه، ولم يغلب المؤمنون إلا بسبب مخالفتهم تعاليم حضرة الرسول كما مرّ. قال تعالى «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ» (١٢٨) روى مسلم عن مالك بن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كسرت رباعيته وشجّ في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>