وإلى جانب هذا وذاك يدرس اللغة الإنجليزية، لتهيء له فرصة اطلاع أوسع، ومع هذا كله لا ينبغي أن نتجاهل العصر الذي عاش فيه، ذلك العصر الذي اتصل فيه الشرق بالغرب، وأكب علماؤه على دراسة الثقافة الغربية، دراسة المعجب، وهذا بالطبع نتيجة حتمية للفوارق الكثيرة بين هؤلاء وأولئك.
تلك عوامل خارجية كان لها أثرها في حياة الشيخ الفاضل، فإذا أضيف لها عامل داخلي ذاتي، وهو ذكاء الشيخ العجيب، الذي يظهر في فكره الثاقب ومنطقه السوي وخياله الخصب، استطعنا أن ندرك سر نبوغ هذا الرجل، وما أعطيه من قوة البيان وسعة الإطلاع، واستطعنا أن ندرك أيضًا شدة غيرة الشيخ على دينه وأمته، وعميق تأثره بالواقع الذي وصلت إليه، وإن هذه العوامل كلها، لتظهر جلية واضحة في تفسيره، الذي نحن بصدد التحدث عنه إن شاء الله.
[ب - الدوافع لهذا التفسير]
يقع تفسير الجواهر في ستة وعشرين جزءًا، الجزء الأخير منها ملحق بالأجزاء السابقة، ليكون استدراكًا لما فات المؤلف فيها، وقد طبع في مطبعة مصطفى البابي الحلبي أكثر من مرة.
ويذكر المؤلف في مقدمة تفسيره الدوافع التي حملته على تفسير القرآن الكريم، فيقول:
(أما بعد، فإني خلقت مغرمًا بالعجائب الكونية، معجبًا بالبدائع الطبيعية، مشوقًا إلى ما في السماء من جمال، وما في الأرض من بهاء وكمال، آيات بينات وغرائب باهرات، شمس تدور وبدر يسير ونجم يضيء وسحاب يذهب ويجيء، وبرق يتألق وكهرباء تخترق، ومعدن بهي ونبات سني، وطير يطير ووحش يسير، وأنعام تسري وحيوان يجري، ومرجان ودر وموج يمر.
ثم إني لما تأملت الأمة الإسلامية وتعاليمها الدينية، ألفيت أكثر العقلاء وبعض