للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابحة جارية. سابحة بمعنى أنَّها تدور حول نفسها، جارية إلى أجلها الذي قدره الله لها. مثل قوله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}.

[٤ - معنى التسخير]

(ومن دقائق التعبير في الآيات، الفرق بين تسخير الشمس والقمر وتسخير النجوم في قول الله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: ١٢]، فإن تسخير هذه الأربعة الأولى، جاء بصيغة غير صيغة تسخير النجوم لأنَّها إنما سخرت لنا. أما النجوم فتسخيرها لأمر خاص بها).

٥ - تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التكوير: ١٥]:

وعند تفسيره قول الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: ١٥ - ١٩]، يرى أن المقصود (بالخنس) المذنبات، كما يرى أن في قول الله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} تعبيرًا دقيقً زائدًا على ما ذكره البلغاء، من استعارة لطيفة، حيث يقول: (ولما كان هذا الضوء يحدث بدخول ضياء الشمس في الطبقة الهوائية ثم بانعكاسه منها، كان حدوثه شبيهًا بعملية التنفس، التي يدخل بها الهواء في الأجسام في الرئتين شهيقًا، ثم يخرج منها زفيرًا. لذلك عبر تعالى مجازًا عن حدوثه بالتنفس. وليس وجه الشبه بين ضياء الشمس المعكوس من الهواء على الأرض قبل طلوع الشمس، وعملية التنفس مقصورًا على حركة الدخول ثم الخروج، بل إن بينهما تشابها آخر قويًّا، وهو أن هواء الشهيق يفقد بعضًا منه وهو الأوكسجين، الذي يمتصه الجسم ولا ينعكس في الزفير منه سوى بعضه الآخر. وكذلك ضياء الشمس قبل الشروق، فإن بعض أضوائه الجزئية، ينفذ خلال الهواء إلى الفضاء الخارجي، حين ينعكس البعض الآخر من هذه الأضواء الجزئية على الأرض) (١).


(١) المرجع السابق ص ٣٥٤ - ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>