للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع تصحيح أخطاء بعض الباحثين في هذا المضمار]

ومهما يكن من أمر، ومما لا شك فيه أن شباب التفسير قد جدد، وظلام جنباته قد تبدد، وجند الخرافة والجمود قد شرد، على يد الأستاذ الإمام محمد عبده الذي عددناه مجدد التفسير في العصر الحديث، وقد كان كذلك بحق أساسًا للتفسير في العصر الحديث.

وقبل أن نعرض لما كان له ولمدرسته من أثر في الاتجاه البياني، لا بد أن أفي بما وعدت به من مناقشة بعض الشبهات، التي تكاد تعصف، لو قدرت لها الحياة، بأغلى ما عند هذه الأمة من تراث.

قد يكون من الصعب إنكار تسلسل الثقافة الإنسانية. بحيث يتم بعضها ما انتهى إليه بعضها الآخر، ولكن من الظلم أن يدعى أن هذه الأمة كانت عالة على غيرها في كل مناحي الثقافة ومعطيات الفكر. لقد قالوا إن هذه الأمة عقيمة لا تلد عقولها أفكارًا جديدة، فهي حافظة ناقلة لا تعرف الابتكار، ومن هنا لم يكن لها فلسفة، وإنما نقلت فلسفة اليونان إلى لغتها، فوجدت سلوة في شرحها والتعليق عليها. ولعل رينان الفرنسي هو الذي حمل لواء هذه الفكرة الخبيثة (١)، ولم يقف بهم الأمر عند هذا الحد، بل زعم بعضهم كذلك أن الفقه الإسلامي، إنما هو صورة عن القانون الروماني، مع ما بينهما من خلافات جوهرية (٢). وثالثة الدواهي وهي أعظمها افتراء وأبعدها عن الحقيقة، أن العلوم العربية نفسها من نظريات البلاغة والنحو والإعجاز، بل تفسير القرآن بشكل عام، إنما كان صورة مترجمة عن نظريات اليونان وغيرهم، وأن كتّابًا عربًا يقررون ذلك مع كل أسف، فهذا الدكتور سيد أحمد خليل في كتابه (نشأة التفسير)، يقرر أن نشأة التفسير أسسها شبيهة كل


(١) الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي للدكتور محمد البهي. مقدمة الجزء الأول.
(٢) المدخل للدكتور محمد يوسف موسى ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>