ومكر وخديعة وهم من هم في ذلك كله هل يبعُد عنهم أن يبذلوا كل ما يستطيعون لإيذاء النبي الكريم، إذ إن السحر حرفتهم.
والخلاصة أن تأثر الأستاذ بالمعتزلة واضح المعالم، حتى لقد عَدّ بعض الفضلاء مدرسته امتدادًا لمدرسة المعتزلة، يقول أستاذنا الدكتور عبد الحليم محمود -رحمه الله-:
(وكل من نهج المنهج العقلي في الدين في العصر الحاضر، إنما هو تابع من أتباع المعتزلة، ولا مناص من الإقرار بأن مدرسة الشيخ محمد عبده، إنما هي مدرسة اعتزالية في مبادئها وأصولها، وهي مدرسة اعتزالية في غاياتها وأهدافها، ذلك أنها تضع قضايا الدين في ميزان عقلها، فتنفي وتثبت حسبما تقتضيه الأهواء والنزعات)(١) وأنا مع أستاذي الفاضل، لكن لا إلى الحد الذي ذهب إليه، ذلك أننا رأينا كيف تأثر الأستاذ بطريقة السلف، وتحكيم العقل يختلف عند أصحاب هذه المدرسة بين واحد وآخر، وكونه قد تأثر في بعض آرائه بمدرسة الاعتزال، لا يعني أنه كان معتزليًا، ولا يعني أن مدرسته كانت كذلك في غاياتها وأهدافها، وأنها كانت تفسر النصوص حسبما تقتضيه الأهواء والنزعات، بل إن من كبار رجال هذه المدرسة كما سنرى إن شاء الله تعالى، من وقف عند حدود النص، ضاربًا بآراء المعتزلة عرض الحائط في كثير من الأمور.
[٤ - الحضارة الأوروبية]
عاش الغرب تاريخًا طويلًا والكنيسة تسيطر على عقله وضميره وواقع حياته فالسلطان لها في الأخلاق والسياسة والعلم وجميع شؤون الحياة، ولم يكن من السهل أن ينشر عالم من العلماء آراءه ونظرياته إذا كانت تصطدم مع ما تقرره الكنيسة. فكم من عالم عُذِّب ونُكِّل به؛ لأنه أثبت خطأ بعض النظريات العلمية،