للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - حكمة التكرار في آيات القبلة]

وهنا سر بديع يبينانه في الحكمة من تكرار قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٩]، حيث يقولان: (وهذا التكرير لتأكيد أمر القبلة وتشديده، لأن تحول القبلة كان أول نسخ في الإسلام - كما قال كثير من العلماء، فاقتضى الأمر تأكيده حتى يرسخ في نفوس المؤمنين، ويستقر في مشاعرهم، ويذهب ما يثار حولها من شبهات أدراج الرياح. ولأن الله تعالى، أناط بكل واحد من هذه الأوامر الثلاثة بالتحول ما لم ينط بالآخر، فاختلفت فوائدها فكأنّه سبحانه يقول لنبيه وللمؤمنين: (الزموا هذه القبلة لأنها هي التي ترضونها وترغبون فيها وطالما تمنيتموها، والزموها أيضًا لأنها هي القبلة التي تنسخ بعد ذلك، والزموها كذلك لأن لزومكم إياها يقطع حجة اليهود الجاحدين وغيرهم من المعاندين الخاسرين) (١).

[٥ - قوله تعالى]

{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٤١ - ٤٣] جاء في تفسيرها:


(١) ١/ ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>