للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْلُ الرَّابِع الإسرائيليات وموقف العلماء منها

تحدث القرآن الكريم عن أهل الكتاب، فتارة يذكر محاجة أنبيائهم لهم، وتارة يذكرهم بنعم الله عليهم، وتارة يذكر تحريفاتهم وتبديلاتهم لكتب الله، وقد كانت أخبار القرآن الكريم عن كل هذا تبيانًا لمواطن العبرة وإحقاقًا للحق وإظهارًا لسنن الله تعالى التي لا تتخلّف في هذا الكون. ولكن حديث القرآن الكريم، وإن كان يتفق مع الكتب السماوية في أصل هذه الأخبار والقصص، فإنه كان يختلف عنها في ذكر جزئيات القصة وتفصيلها فكان يطوي كثيرًا من هذه الجزئيات، وذلك لخلوها من مواطن العبرة والفائدة.

وكان طبيعيًا أن تتشوف النفوس وتتشوق لمعرفة تفصيلات أكثر عن هذه الأخبار، ولقد أحس الرسول عليه وآله الصلاة والسلام بمثل هذا من بعض الناس، فكان ينهى عن ذلك، ينهى عن أن يسترسل الصحابة رضوان الله عليهم مع هذا القصص وتلك الأخبار -كما مر معنا من قبل-، ومن المفيد هنا أن نذكر حديثين من أحاديث الرسول عليه وآله الصلاة والسلام أحدهما: قوله: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم) (١) وثانيهما: قوله عليه وآله الصلاة والسلام: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) (٢) ويبدو التعارض للوهلة الأولى عند بعض الناس بين هذين الحديثين. ولكن إذا عرفنا أن الحديث الأول خاص بما لم يرد فيه شيء في كتابنا ولا سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وأن الحديث الثاني إنما


(١) البخاري كتاب التفسير ج ٦ ص ٢٥.
(٢) البخاري كتاب الأنبياء ج ٤ ص ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>