بني هذا الدور، بحيث عُدّت التعاليم الإلحادية من الأفكار الواجبة الاعتبار والاحترام.
أما الدور الرابع فهو دور الفطرة، وهو الدور الذي نحن فيه، ويمتاز بمحاولة النوع الإنساني فيه الرجوع إلى دينه الفطري البعيد عن مظان الشبه.
ثم بدأ يفصّل هذه الأدوار دورًا دورًا.
[الدور الأول: دور الفطرة]
بحث في أول معبود عبده الإنسان في أول نشأته، هل عبد الأصنام مباشرة على أدنى أشكالها، ثم ترقى فيها شيئًا فشيئًا على قدر رقيه العقلي والفكري، كما يقول الماديون، أم أنه عبد الخالق الأقدس على أكمل صورة من صور التنزيه والتوحيد، ثم عرض له عبادة الأوثان لمّا مال إلى عالم المحسوسات، كما قال الروحيون من الفلاسفة.
ناقش الماديين، ثم رجّح النظرية الثانية، وقال إن هذه النظرية هي السائدة اليوم، ، لأنها ليست من باب الفروض الظنية، بل مما يمكن تحققه بالاختبار، ولا يعقل أن يعبد الإنسان شيئًا مجسمًا مثل أن تكون العبادة مسبوقة بفكرة دعت إليها، فأول عبادة عبدها الإنسان كانت روحية قلبية على صفتها الصحيحة، وموجهة للخالق الأقدس المنزه عن الحدود والقيود.
[الدور الثاني: دور الفلسفة]
كان الإنسان في دوره الأول مطبوعًا على الإيمان، ولكن لما ابتدأت خصيصة التعقل تسوق الإنسان إلى التملي بمجالي هذه الطبيعية الباهرة، أخذ يبحث في موضوع عبوديته، وانشغل بملهيات الظواهر عن حقائق البواطن، فهبّ يشخص إلهه على مقتضى حواسه الشخصية، فاصطنع الأصنام والتماثيل.
في هذا الدور دور التخيل والتعقل كان الله تعالى يرسل رسله تترى إلى الأمم