على الخاطر ما بالك تكتب عن الرافعي، وأنت إنما تتكلم عن اتجاه من اتجاهات التفسير؟ وهل كان الرافعي مفسرًا؟ نعم، لقد كان أول من وضع أسس النظريات البيانية لإعجاز القرآن في هذا العصر. ونحن لا يمكننا كما قلت من قبل، أن نفصل بين المفسرين البيانيين، والكاتبين في الإعجاز، وبخاصة إذا كان هؤلاء مبتكرين لا مقلدين وهناك أمور ثلاثة لا بد أن نعرض لها:
أولًا: دفاعه عن الإسلام وتصديه للمشككين والمارقين:
لم يستطع أحد أن ينال من هؤلاء ويجعلهم يتقوقعون وينحصرون في أنفسهم، وتنحصر عنهم تلك الهالات، التي كانت تلقى عليهم باسم العلم والمدنية. لم يستطع ذلك كله إلا الرافعي. ولا أود أن أطيل هنا الحديث، فكتابات الرجل تشهد له. سواء في الصحف في ذلك الوقت، أم في كتبه التي أصدرها، مثل (وحي القلم).
وها هو كتاب (تحت راية القرآن)، الذي ينبغي أن يعي ما فيه كل مسلم، خير شاهد على ذلك، يقول في مقدمته محذرًا من خطر هؤلاء المنحرفين الذي يتسترون بالتجديد:(ومن ثم وجب أن تحذرهم الأمة، وأن تقرهم في ذلك الحيز من تخيلاتهم وأوهامهم، فهم من الأمة إذا غلبت هي عليهم، وليسوا منها إذا غلبوا عليها، وما مثلهم إلا كالرمل والحصى: تكون في مجرى الماء العذب، فتكون شيئًا من طبيعته، وتحدث فيه لونًا من الحسن والرونق، وإذا هي خيال من شعر النهر حتى إذا أخرجت من الماء، وانساغت في حلق من يجرعه، كانت بلاء وأذى، وانقلبت للماء سبة، ورمى بها ورميت به)(١).
وها هو يتعقب الدكتور طه حسين، الذي زعم أن القرآن يصور العصر الجاهلي، والذي قال في كتابه (في الشعر الجاهلي): (ليس يعنيني أن يكون القرآن تأثر بشعر أمية بن أبي الصلت - أو لا يكون)، بقوله: (هل يدري طه حسين معنى قوله