للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْلُ الأَوّل اختلاف المفسّرين وأسبابه

* مقدّمات لا بدّ منها:

هذا هو الباب الثاني من هذا الكتاب وهو واسطة عقده ولبّ ثمراته. ولقد جهدتُ فيه ما يسّر الله وما مكنّني فيه فأكثرتُ فيه من الأمثلة التي توسم بالجدّة محاولًا تجلية أمورٍ من الأهمية بمكانٍ تتصل بموضوع التفسير من هنا فإنني أرجو من ذوي التخصص الدقيق والراغبين في الدراسات القرآنية العناية بهذا الموضوع راجيًا أن يجدوا فيه بغيتهم وأن يحلّ كثيرًا مما يدور في خلدهم وأن يفتح لهم أبواب البحث في موضوعات قرآنية تمسّ الحاجة إليها. وما توفيقي إلَّا باللهِ عليه توكّلت وإليه أنيب.

ولن أعرض في هذا الباب للخلافات التي ليس لها حظ من النظر، وأعني بذلك الخلافات المذمومة التي سلكها أصحاب النّحَل الباطلة وذوو الأهواء والجهلة من الأقدمين والمحدَثين. ولقد أشرتُ إلى شيء من هذه الخلافات عند حديثي عن التفسير بالرأي.

والاختلاف بين الناس فطرةٌ فطر الله الناس عليها، وقد ذكر الله تبارك وتعالى في آيات كريمات من آي القرآن الحكيم بعض هذه الاختلافات {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: ٢٢] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ١٩٠] وقد يكون الاختلاف بين الناس رحمةً من أجل عمارة هذا الكون. والاختلاف بين المفسّىرين - وقد وعدنا أن نتجنب الاختلافات المذمومة - اختلافٌ تتسع به الآفاق والمدارك وتهذّب به الأفكار وتُصقَلُ به الآراء فيعرف راجحها من مرجوحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>