للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول موقف العلماء المسلمين من التفسير العلمي وأدلتهم (المانعون)]

أكثر علماء المسلمين لا يرون مانعًا من تفسير القرآن تفسيرًا علميًّا. فرأيهم أن آيات القرآن فيها من دقائق العلوم ما لا يحصى، ولنضرب مثلًا ببعض هؤلاء.

- فحجة الإسلام الغزالي -رضي الله عنه-، ممن ذهب إلى هذا الرأي ودافع عنه بحزم وقوة، يقول: (إن العلوم كلها، داخلة في أفعال الله عز وجل وصفاته. وفي القرآن شرح ذاته وأفعاله وصفاته.

وهذه العلوم لا نهاية لها، وفي القرآن إشارات إلى مجامعها. والمقامات في التعمق في تفصيلاتها راجعة إلى فهم القرآن. ومجرد ظاهر التفسير لا يشير إلى ذلك، بل كل ما أشكل فيه على النظار، واختلف فيه الخلائق في النظريات والمعقولات، ففي القرآن رموز ودلالات عليه، يختص أهل الفهم بدركها، فكيف يفي بذلك ترجمته وتفسير ظاهره) (١)؟

أما الإمام الرازي فإنه ينعى على ما اعترض عليه لإيراده في تفسير ما أورد. يقول: (وربما جاء بعض الجهال والحمقى، وقال: إنك أكثرت في تفسير كتاب الله من علم البيئة والنجوم وذلك خلاف المعتاد. فيقال لهذا المسكين: إنك لو تأملت في كتاب الله حق التأمل، لعرفت فساد ما ذكرته .. إن الله تعالى ملأ كتابه من الاستدلال على العلم والقدرة والحكمة، بأحوال السماوات والأرض وتعاقب الليل والنهار، وكيفية أحوال الضياء والظلام وأحوال الشمس والقمر والنجوم. وذكر هذه الأمور في أكثر السور، وكررها وأعادها مرة بعد أخرى، فلو لم يكن البحث عنها والتأمل في أحوالها جائزًا لما ملأ الله كتابه منها ... ) (٢).


(١) إحياء علوم الدين جـ ١ ص ٢٥٨ ويراجع كتابه جواهر القرآن.
(٢) الرازي ١٤/ ١٢٠ - ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>