والعلماء المحدثون الذين منعوا تفسير آي القرآن الكريم تفسيرًا علميًّا، لم يخرجوا عما قاله الإمام الشاطبي، ومن هؤلاء الشيخ أمين الخولي زوج الدكتورة بنت الشاطئ -رحمهما الله- وقد نقله عنه وارتضاه الشيخ محمود حسين الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون)، أما أبرز أولئك المانعين فهو الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق وهو إمام ذو عقلية فذّة -رحمه الله-.
[الشيخ محمود شلتوت]
يقول الشيخ: (وأما الناحية الثانية، فإن طائفة أخرى، هي طائفة المثقفين الذين أخذوا بوافر من العلم الحديث، وتلقنوا أو تلقفوا شيئًا من النظريات العلمية والفلسفية وغيرها، أخذوا يستندون إلى ثقافتهم الحديثة ويفسرون آيات القرآن على مقتضاها.
نظروا في القرآن فوجدوا الله سبحانه وتعالى يقول:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} فتأولوها على نحو زين لهم أن يفتحوا في القرآن فتحًا جديدًا، ففسروه على أساس من النظريات العلمية المستحدثة، وطبقوا آياته على ما وقعوا عليه من قواعد العلوم الكونية وظنوا أنهم بذلك يخدمون القرآن، ويرفعون من شأن الإسلام، ويدعون له أبلغ دعاية في الأوساط العلمية والثقافية.
نظروا في القرآن على هذا الأساس، فأفسد ذلك عليهم أمر علاقتهم بالقرآن، وأفضى بهم إلى صور من التفكير لا يريدها القرآن، ولا تتفق مع الغرض الذي من أجله أنزله الله، فإذا مرّت آية فيها ذكر للمطر، أو وصف للسحاب، أو حديث عن الرعد أو البرق، تهللوا واستبشروا. وقالوا: هذا هو القرآن يتحدث إلى العلماء الكونيين ويصف لهم أحدث النظريات العلمية عن المطر والسحاب وكيف ينشأ