للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قوله {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: ٥٨].

مدخل القرية. و (سجدًا): جمع ساجد، من السجود وهو وضع الجبهة على الأرض. ويستقيم هذا التفسير بجعل قوله (سجدًا) من قبيل الحال المسماة "الحال المقدّرة"" وهي التي تقع بعد وقوع العامل لا معه، والعامل في الآية الدخول. والسجود إنما يتيسر بعد انتهاء الدخول. وهذا الضرب من الحال وارد في الكلام البليغ. كما قال تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧] فإن الحلق والتقصير إنما يكون بعد الدخول، ومعنى الآية: ادخلوا باب القرية ناوين السجود شكرًا لله على ما أنعم به عليكم، من إخراجكم من التيه، والمُقام ببلدة تعيشون فيها عيشة ناعمة.

[٥ - موقفه من بعض المسائل في التفسير]

أ - المحكم والمتشابه في القرآن (١)

لكل من المحكم والمتشابه معنى في أصل اللغة، ومعنى في عرف الشرع، أما المحكم لغة، فإن مادة "حكم" تدور على معنى الصرف والمنع، ومنه حكمة اللجام للحديدة التي تمنع الفرس من الاضطراب والجموح، ومنه حكم الحاكم لأنه منع للظالم من وضع يده على حق غيره، ومنه الحكيم لأنه يمنع نفسه من اتباع هواها وارتكاب ما لا يليق.

ويرجع إلى هذا المعنى قولهم: أحكمته إحكامًا إذا أخذت على يده، قال جرير:

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا

ومنه الإحكام بمعنى الإتقان، لأنه منع للشيء من الخلل والخطأ، يقال: بناء محكم أي متين لا وهن فيه ولا خلل.


(١) مجلة الهداية الإسلامية - الجزء الحادي والثاني عشر من المجلد الثامن عشر، الجمادان ١٣٦٥ هـ. وهي محاضر ألقاها لطلاب السنة الثالثة (تخصص المادة) بكلية أصول الدين بجامع الأزهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>