للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير ذلك مما لو تأملته لوجده فيه كثيرًا ممّا قرره العلماء فيما بعد.

وقد نخالفه في بعض ما قروه هنا، وتفصيل ذلك في مواضع من كتابنا إعجاز القرآن المجيد.

أما مباحث علم البيان فنجد أبا عبيدة في كتاب (مجاز القرآن) يحدثنا في مواضع كثيرة عن الكناية، والتشبيه، والمجاز العقلي، كما نجد حديثه عن الاستعارة في كتابه (النقائض) وإن لم يسمها باسمها، وإنما يعبر بكلمة النقل، ونحن نعلم أن الاستعارة ليست إلّا نقلًا للكلمة من المعنى الذي وُضِعَت إلى معنى آخر.

استمع إليه معلقًا على بيت الفرزدق:

لا قومَ أَكْرَمُ مِن تَميمٍ إذْ غَدتْ ... عُوذُ النِّساء يُسقْنَ كالآجالِ

"قوله: عوذ النساء: هن اللاتي معهن أولادهن، والأصل في عوذ في الإبل التي معها أولادها، فنقله العرب إلى النساء، وهذا المستعار، وقد تفعل العرب ذلك كثيرًا".

ذلكم هو أبو عبيدة، ولقد صدق الجاحظ فيما قال عنه وهو بحق كما قال ياقوت الحموي في معجم الأدباء: (إنه كان لا يفتش عن علم من العلوم إلا كان من يفتشه عنه يظن أنه لا يحسن غيره، ولا يقوم بشيء أجود من قيامه به) (١).

[الفراء]

الفراء إمام لغوي اشتهر بالنحو، وكان من نحاة الكوفة، صاحب كتاب (معاني القرآن) ولا نعدم الملحوظات البلاغية في كتابه هذا، كالتقديم والتأخير وغيرهما من مباحث علم المعاني، كما أشار إلى بعض مباحث علم البيان: كالتشبيه والكناية وغيرهما وإن كان يغلب عليه طابع الإعراب ومن المآخذ التي أخذت على الفراء


(١) معجم الأدباء (١٩/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>