للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} [المعارج: ٤٢]، ... إلخ (١).

١٢ - ومن ذلك التفرقة بين يعملون ويصنعون. قال الراغب: الصنع إجادة الفعل، فكل صنع فعل، وليس كل فعل صنعًا، ولا ينسب إلى الحيوانات والجمادات كما ينسب الفعل، أ. هـ.، وقال غيره: الصنع أخص من العمل فهو ما صار ملكة منه، والعمل أخص من الفعل؛ لأنه فعل بقصد. وقال في الكشاف: كأنهم جعلوا آثم من مرتكبي المناكير؛ لأن كل عامل لا يسمى صانعًا ولا كل عمل يسمى صناعة. حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه. وكان المعنى في ذلك أن مواقع المعصية معه في فعل غيره، فإذا فرط في الإنكلار كان أشد إثمًا من المواقع أ. هـ. والذي أفهمه أن معاصي العوام من قبيل ما يحصل بالطباع لأنه اندفاع من الشهوة بلا بصيرة، ومعصية العلماء بترك النهي عن المنكر والأمر بالمعروف من قبيل الصناعة المتكلفة الفائدة للصانع فيها يلتمسها ممن يصنع له، وما ترك العلماء النهي عن المنكر وهم يعلمون ما أخذ الله عليهم من الميثاق إلا تكلفًا لإرضاء الناس، وتحاميًا لتنفيرهم منهم، فهو إيثار لرضاهم على رضوان الله وثوابه، والأقرب أن يكون من الصنع - لا من الصناعة، وهو العمل الذي يقدمه المرء لغيره يرضيه به (٢).

[عنايته بالقضايا البلاغية والإعرابية]

وكما عني المفسر بتحقيق المفردات اللغوية، فإنه قد عني كذلك بمسائل البلاغة والإعراب، وقد يكون نصيب هذه أوفر، وذكرها في تفسيره أكثر، ففي المسائل البلاغية نجده يطنب ويسهب فلم يترك بحثًا من مباحث البلاغة إلا وتحدث فيه وأظهر تأثير القرآن فيه، فتحدث عن براعة خواتيم سوره وفواتحها، وبلاغته واختلافها، ومدى دقة التعبير وتحديد الحقائق فيه، وبلاغة التناسب بين سوره


(١) ٩/ ٤٠٥.
(٢) ٩/ ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>