يطعن في الصحابة يحمل عليهم حملة ما كنا نرضاها منه، فإذا كان الشيخ يرد بعض الأحاديث لتوهين بعض الحفاظ لها، أو توقفهم فيها فإننا رأيناه قد اخترق حصن إجماع الأمة، لا من حيث رد أحاديث لم تحم حولها من قبل شبهة، وإنما كذلك من حيث نقض هذه القاعدة، وهي كون الصحابة عدولًا، فهو تارة يتهم أبا هريرة وابن عباس بكثرة النقل عن أهل الكتاب من بني إسرائيل، مع أن ابن عباس -رضي الله عنهما- ثبت عنه النهي عن سؤال أهل الكتاب شيئًا كما ورد في صحيح البخاري وقد تقدم هذا من قبل في الجزء الأول "التفسير اتجاهاته وأساسياته"، كما تقدم قول الشافعي رضي الله عنه، بأنه لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا نحو مائة حديث. وتارة أخرى يشتط فيختط لنفسه طريقًا عجبًا. إذ يزعم بأن الصحابة رضوان الله عليهم، كانوا ينقلون عن كعب وأضرابه، حتى عن التابعين وينسبونه للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويرد على كون الصحابة عدولًا، بأنها أغلبية لا مطردة، وهذا من شأنه أن يعري السنة ورجالها من كل ما يجب لهم من قدسية وتقدير، وأن يكون بعد ذلك كسرًا لباب عظيم من أبواب الإسلام، ليلج منه كل حاقد وطامع وطاعن.
[جـ - علامات الساعة]
وهناك موضوع جدير بالبحث طرقه الشيخ، أعني به علامات الساعة، ومن الإنصاف أن أقرر هنا أنّ الشيخ رشيدًا، بذل كل جهد ليكون في بحثه هذا موضوعيًا يكتب بتجرد من كل نزعة صابغًا بالصبغة العلمية كل مسألة تناولها، ولقد أسيء فهم كتابته عند بعضهم، كما أعجب بها آخرون، والإنصاف والأمانة العلمية يقضيان علينا ويستلزمان منا أن نتتبع أقواله، فنرى ما فيها من جهد علمي وثغرات وهفوات.
عرض الشيخ رشيد لموضوع علامات الساعة في سورتي الأنعام والأعراف. ولكنه أسهب في هذه الأخيرة، ففي سورة الأنعام عند تفسير قوله تعالى (١) {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا