الآخر لا يحتمل وجوهًا متعددة في اللغة. أمّا ما كثر فيه الاختلاف فلأنه لم يشتهر في تفسيره أثرٌ ما، وفيه مجال واسع ممّا تحتمله اللغة.
فأمّا العاديات وأخواتها فهم مجمعون على أنها الخيل التي تقابلُ العدوّ على تفصيل في وصفها (١).
وأما الذاريات وما بعدها، فقد قيل إنها الرياح والسحب والسفن، وقيل إن المقصود بها كلها الرياح، وقد استندوا في ذلك إلى آثار روي بعضها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبعضها عن الإمام علي كرّم الله وجهه.
وأمّا الصّافات فقيل إنها الملائكة استنادًا إلى قوله تعالى في السورة نفسها {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)} [الصافات: ١٦٥ - ١٦٦] وقيل إنّ المقصود بها جماعة المؤمنين التي تنزجر عن المعاصي وتتلو الذكر.
أمّا تفسير قوله سبحانه {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} وما بعدها فذهب كثير من المفسّرين إلى أنها الرياح، وهذا ما ترجّحه اللغة وقال آخرون الملائكة.
بقي من هذا النمط قوله سبحانه {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} وهي أكثر ما اختلفت فيه أقوال المفسرين، فبعضهم رأى أنها الملائكة، وقال آخرون إنها الكواكب، وقال جماعة إنها الخيل، ومن أراد مزيدًا فليراجع كتب التفسير.
ونجد الإمام الطبري - شيخ المفسرين -رضي الله عنه- ييين أنه يمكن أن تُحمل الأمور المقسم بها على كلّ ما ذكر فيها من أقوال؛ لأنه لا تناقض بين هذه الأقوال جميعها، والقرآن كما نعلم حمّال ذو وجوه.
[قاعدة جليلة]
إن ما ذكره الطبري والألوسي وغيرهما، نستنتج منه قاعدة جليلة، هي أنّ ما ورد