للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

[الطريقة المثلى]

وإن الطريقة المثلى التي تُوصِل إلى الغاية في فهم القرآن، وتعرف معانيه، وإدراك دلائل إعجازه، هي الاعتماد على النقل والعقل، فلا يصح الاقتصار على النقل وحده، ولا العقل وحده، وإنما النظر الأمثل هو أن يعتمد على العقل والرأي، وعلى السماع من أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فهم القرآن، فظواهر القرآن من الألفاظ، والآثار التي تعاضد الظاهر، لا تكفي وحدها بل تساعد العقل، وتفتح له السبل لاستخراج معاني القرآن المتسعة الأفق، البعيدة المدى، التي توجه الفكر إلى أعمق الحقائق العلمية والكونية والنفسية، وكلما تفتح العقل في ظل إدراك الألفاظ وظواهر اللغة، أدرك إدراكًا صحيحًا ما تشير إليه الحقائق الكونية، وما يشير إليه القرآن.

وإنه كلما اتسع أفق العقل البشري في فهم الكون والحقائق والشرائع اتسع فهمه للقرآن الكريم، ولعل هذا هو الحقيقة التي أشار إليها بعض الصحابة، إذ رُوِيَ عن أبي الدرداء أنه قال: "لا يفقه الرجل كل الفقه، حتى يجعل للقرآن وجوهًا" أي اتجاهات متلاقية، ولكن بعضها أعمق من بعض، وكله حق.

وروى عن ابن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن للقرآن ظاهرا وباطنًا" (١). وليس هو الباطن الذي يقوله الباطنية، إنما الباطن الذي أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الباطن الذي تدل عليه إشارات العبارات القرآنية، من أسرار الإعجاز البياني، وإلى ما تشير إليه من حقائق كونية ونفسية وخلقية وأحكام عملية، وغير ذلك من المعاني التي يدركها العالم المتعمق ذو البصيرة النيرة الذي آتاه الله تعالى نفاذ بصيرة، واستقامة فكر، كالذي يدركه علماء الأكوان في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه وذكره العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، ج ١، ص ٩٩.
ولفظه عند ابن حبان: عن ابن مسعود -رضي الله عنهم-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أُنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن"، صحيح ابن حبان، ١/ ٢٧٦، الحديث رقم ٧٥، تحقيق: الشيخ شعيب الأرنؤوط. وانظر: تمام تخريجه وتنقيده ومعناه فيه. وقد مرت هذه القضية في الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>