ويمثلها الإمام الخازن في تفسيره، والخطيب الشربيني. فهذان التفسيرات يمكن أن يفيد منهما كثير من الناس وبخاصة تفسير الخازن.
هذه أهم مدارس التفسير التي مثلت تلك المرحلة، على أن هناك مفسرين أسهموا في خدمة كتاب الله تعالى وتفسيره وفق تخصصاتهم من أمثال أبي حيان النحوي في (البحر المحيط) وغير ذلك، هذا عدا عن تفاسير الفرق المختلفة.
ولا بد أن نقرر هنا أن المفسرين -رحمهم الله - كانوا موسوعيين، فكان كلٌّ منهم دائرة معارف، وهذا شأن المفسر، فإذا قررنا أن أحدهم اشتهر بصبغة معينة، أو اتجاه خاص فليس معنى هذا أن تفسيره كان قاصرًا على هذا الاتجاه وتلك الصبغة، فالزمخشري مثلًا من أئمة البيان، لكن الأمور العقدية، وبخاصة عقيدة الاعتزال، احتلت جانبًا كبيرًا من هذا التفسير، وكذلك قضايا النحو، والإشارة إلى بعض القضايا الفقهية.
وإذا قلنا إن تفسير الرازي يمثل المدرسة العقدية، فليس معنى هذا أنَّه كان مقتصرًا على هذا الاتجاه، بل اشتمل التفسير على كثير من قضايا اللغة متنها ونحوها وفقهها، كما كان فيه تفصيل لكثير من قضايا الفقه واختلاف الفقهاء، كذلك الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي، لم يخل من جوانب متعددة، ومن هنا كان الدارس لهذه التفاسير يجد نفسه في بحر متلاطم الأمواج، لذلك آثرت الحديث عنهم وفق التاريخ الزمني، وليس حسب اتجاهاتهم، لأنَّ الحديث حسب اتجاهاتهم يسلبنا كثيرًا من الفوائد، فعندما أتحدث عن الزمخشري مثلًا، أأتحدث عنه من حيث الاتجاه البياني أم العقدي؟ أم من حيث الاتجاه الفقهي؟ وكذلك الأمر مع الإمام الرازي.