للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - بيانه لحكمة التشريع ودفاعه عن الإسلام، واستنباطه بعض القواعد السياسية والاجتماعية لتدعيم المجتمع الإسلامي]

أ - فهو عند تفسيره آية الربا في سورة آل عمران، يبين أن هناك جانبين مهمين في تحريم الربا: الجانب الأخلاقي والجانب الاقتصادي، ثم يكر على شبهات بعض العصريين المنحرفين في استباحة الربا ليبطلها، مبينًا أن القضية ليست قضية الربا أو غيره، وإنما هي قضية الشريعة ككل، يقول (وهذا موضوع قد أثير أخيرًا، وشغل الأفكار منذ أنشبت المدنية الحديثة أظفارها في أعناق المسلمين، وعمل أهل التشكيك في صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان عملهم المثابر المتواصل في الفتنة، وزلزلة القلوب عن دين الله، والقضية في الحقيقة ليست قضية الربا أو غيره من المعاملات المالية، وإنما هي قضية الشريعة الإسلامية كلها، وقد انصرف عنها أهلها وتعلقوا بأهداب غيرها من قوانين الأمم الغالبة المسيطرة عليهم، ومن شأن المغلوب أن يولع بتقليد الغالب، ويرى أكثر ما يفعله خيرًا وصلاحًا، ويزين له الشيطان أن نجاحه إنما يرجع إلى عدم تمسكه، بما يتمسك به هو من القواعد والأصول والآداب ... والتقاليد.

لو كان للإسلام دولة وقوة، لكان تشريعه هو المتبع، ولكان للأمم والشعوب من الوسائل الاقتصادية العملية، ما يغنيهم عن الربا وغير الربا، مما حرمه الإسلام، وإن للكسب لموارد طبيعية، هي الأساس والفطرة، كالزراعة والصناعة والتجارة والشركات المساهمة التعاونية، ولا يستطيع أحد أن يقول: إن الشعوب لا تستطيع أن تقيم مدنيتها على أساس التعاون والتراحم، ومساعدة الفقير والمحتاج، بإقراضه قرضًا حسنًا، على نظام يكفل لأصحاب الحقوق حقوقهم، ولا يؤدي إلى إثقال كواهل المدينين، واستلاب أموالهم بالباطل) (١).


(١) تفسير القرآن الكريم ص ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>