رجّح المعنى الأوّل لكنه دافع دفاعًا قويًّا عن قول مجاهد، وأقام في دفاعه هذا الأدلة والبراهين.
وسامح الله شيخ المفسّرين الطبري، فما كان لمثله أن يقبل هذا القول فضلًا عن أن يتبنّاه ويدافع عنه.
ومن ذلك ما ذهب إليه ابن جرير الطبري رحمه الله عند تفسير قوله سبحانه {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}[الأحزاب: ٣٧] في سورة الأحزاب، حيث فسّر الآية بما يتعارض مع القرآن الكريم أولًا، وبما لا يليق بمقام النبوة ثانيًا. وسامح الله الإمام الطبري وغفر له.
* ليس كل ما اشتهر في التفسير جديرًا بالقبول:
ليس كل قول اشتهر عند الناس في التفسير حريًّا بأن يُقبل، فضلًا على أن تكون له الصدارة، وفيما يلي بيان ذلك:
أولًا: من ذلك قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣].
المودة في القربى، المشتهر عند الناس أن هذه الآية نزلت في فضل أهل البيت عليهم السلام، ولكن الإمام الطبري - وقد ذكر هذا القول - ذكر معه قولين آخرين، هما:
١ - إلَّا أن تودّوني في قرابتي منكم أي تراعوا ما بيننا من رحم القرابة.
٢ - أن تصلوا أرحامكم فيما بينكم، ولقد عدّ الإمام الطبري القول الأوّل مرجوحًا غير راجح واستند في قوله إلى اللغة، حيث قال ما خلاصته: لو كان القول الأوّل هو الراجح ما دخلت كلمة (في) بل كان النظم خاليًا منها هكذا "إلّا مودّة القربى" فتكون (أل) عوضًا عن الإضافة أي "إلَّا مودّة قرابتي أو قرابتكم" لذلك ضعّف القول الأوّل.