ويفسر الأستاذ الصيحة بأنها، إما صرير البيوت المنهارة أو صراخهم وأنينهم وصياحهم .. كأنه يريد أن يقول أخذتهم الصيحة التي هي صوت الأماكن المهدمة أو أصواتهم هم .. ولا أظن المعنى يستقيم على كلا الاحتمالين.
فالصيحة التي عبر عنها بالرجفة تارة أو بالصاعقة أخرى، وهي التي يقول عنها بعضهم صيحة جبريل، هي التي أخذت بها الأمم المكذبة كثمود ومدين وغيرهما.
[٣ - تفسيره للطير الأبابيل]
ويستمر الأستاذ في نشر غرائبه، ضاربًا صفحًا عن كلّ ما تعارف عليه الناس، من وسائل التخاطب فيما بينهم وعن منهجه الذي ذكره في مقدمته، وهو عند تفسيره قول الله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: ٣ - ٤] يذكر رأي الجمهور، وهو أن هذه الحجارة من سجيل، ورأي الشيخ محمد عبده، وهو أنَّها كانت تحمل الميكروبات، ويذهب إلى رأي الجمهور. ثم يخالف الجميع كما يقول، فهو يرى أنه لم يكن هناك طير يحمل هذه الحجارة، وإنما المقصود بالطير الحجارة نفسها؛ لأنَّها كثيرة كالطير. ولأن هذه الحجارة كانت من السرعة بحيث لا يقوى الطير على إيصالها لأهدافها، أي على قذفها بهذه السرعة الهائلة حتى تدمر وتتبر.
ولا أظن أن قول الأستاذ بحاجة إلى تعليق، ذلك أنه لا يستسيغه حتى أطفال العلم .. كان من الممكن أن يقول القرآن، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل حجارة من سجيل. أما وقد قال ما قال في هي التي ترمي يا ترى؟ ؟ فهناك رام ومرمي به، أما المرمي فهم أصحاب الفيل، وأما المرمي به فالحجارة، فما فائدة قول الله تعالى:(ترميهم)؟ الحق إنها مسؤولية العلماء الذين يغضون الطرف عن كلّ كتاب وكاتب. وما أكثر إغرابات الأستاذ وتناقضاته!