للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضارة الإنسانية والترقي الاجتماعي، وقد جاء القرآن حريصًا على إبراز هذا المعنى حتى كانت أول سورة أنزلت منه في أرجح الأقوال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ١ - ٥].

وكل ما عدا هذه الآراء الثلاثة من أقوال المفسرين ظن لا يغني من الحق شيئًا. ومن طرائق ما ذهب إليه بعضهم في ذلك استخلاصه هذا التركيب من هذه الحروف في أوائل السور بعد حذف المكرر منها: (نص حكيم قاطع له سر) كأنه يريد أن يقول: إنها وصف للقرآن ولا دليل على هذا القول ولا سند له.

٤ - رده على الآراء المنحرفة في التفسير: نشر الشيخ البنا رحمه الله مقالًا في جريدة الإخوان المسلمين ردَّ فيه على كاتب ومؤرح يزعم أن (وادي النمل) وادي المستضعفين من سكان فلسطين وما إليها، وأن (النملة) التي أمرت قومها بدخول مساكنهم لا يحطمنكم سليمان وجنوده رجلٌ من هؤلاء القوم! ! ! ثم قال الشيخ الإِمام البنا طيب الله ثراه: "هؤلاء من شيوخ الباحثين في هذه الأمة، وكبار كتابها، ضل بهم الفكر، وزاغ بهم البحث، فتركوا الجادة، وتنكبوا الطريق، وطلعوا على الناس بما لا يتفق مع أحكام الإِسلام وقواعده، وقوانين تفسير القرآن الكريم وتفهُّمه، وكأن الله تبارك وتعالى لم يقل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)} [يوسف: ٢] , وقد سبقهم غيرهم بمئل قولهم تشابهت قلوبهم! ! وما أُتي القوم إلا من ناحية، هي أنهم أرادوا أن يحصروا قدرة الله وتصرفاته في دوائر عقولهم، وفي حدود هذه النواميس العادية التي جهلنا فيها أضعاف ما علمنا، والله تبارك وتعالى أكبر من ذلك وأجل، ولو سَمَتْ المدارك، وحَفَت الأرواح، لعلموا أن في آحاد الناس من استطاع أن يقهر هذه النواميس المتعارفة، فكيف بالرسل والأنبياء، فكيف بالحق تبارك وتعالى؟ ! . اللهم مناشرة الحجاب، وتنكُّب الصواب, هي فتنة بلا شك، وفي الأمة كثير من هذا الصِّنف، وما انتدبنا للكتابة في هذا الموضوع إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>