وهكذا ديدن الشيخ في كل تفسيره، لا فرق بين آيات الأحكام وغيرها. فهو حينما يتكلم عن آيات الصفات، يطلب أن يصار على مذهب السلف، ثم نجده يفسر الاستواء بالاستيلاء، وهذا ليس غريبًا عليه، كما نجده في تفسيره لسورة الهمزة يقول:"إن أشعة رونتجن يمكن أن يدل عليها قول الله: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)} [الهمزة: ٧]، فهي تطلع على الأفئدة لتصورها وتقرأ الأفكار".
هذا وأمثاله كثير عند الشيخ، إلا أن الذي يثير الدهشة أن الشيخ يحاول أن يرد على غيره، فهو مثلًا يقول في سورة الفيل:"وما قيل أن الله سلط عليهم الجدري، أو رماهم بما يشبه التسمم (الميكروب)، ينافي صراحة الآية وحقيقتها، اللهم إلا أن يقال إن ذلك نشأ عن رميهم والله أعلم! " وكأني بالشيخ لا يدري ماذا قال غيره، حتى يرد عليه ويقول تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة: ٦٧]: "هذا والعجب كل العجب من أن سماحة الأستاذ المراغي بمصر العظيمة، اعتبر هذا المسخ عند تفسير قوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥)} البقرة: ٦٥] معنويًا، مستدلًا بما رواه ابن جرير عن مجاهد، بأنه ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم، وهو يعلم أن ابن جرير ينقل الأقوال ثم يعلق عليها ... ".
١٦ - رده للسنّة والإجماع:
ويا ليت الشيخ يرد على أشخاص وأفراد فإن هذه حرية ممنوحة له، ولكننا رأيناه في أكثر من موضع يرد ما أجمعت عليه الأمة، فهو عند تفسيره لسورة المسد ينكر ما جاء في الحديث الصحيح، من أن سبب نزول السورة كان كما أورده البخاري ومسلم، يقول:"وقد جاء في التأويلات النجمية، أن أبا لهب كان في بداية أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- يحسن إليه ويكرمه ويقول إلى قريش: "إن كان الأمر إلى محمد فلي عنده يد، وإن كان لقريش فلي عندها يد أيضًا"، لأنه كان يحسن إليها. وبعد أن ظهر أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أظهر له العداوة وصار يهينه ويؤذيه، فأنزل الله فيه هذه السورة إعلامًا بخسران يده عنده لتكذيبه إياه، وخسران يده عند قريش أيضًا لعدم بقاء يد لهم عند