للقوانين المادية؛ ذلك لأن هذا التفسير إن كان يخدمنا من جهة، فإنه أكثر هدمًا من جهات أخرى.
وكلما أمعنَّا في الانحياز إلى جانب المادة في تفسير النصوص، فإننا بذلك نزيد أعداءنا تمكينًا في انقضاضهم على عقائدنا، فنحن حينما نريد أن نثبتها بالعلم، وقد مكن لهم فيه أكثر منا، يكون نفيهم لها أشد.
تلكم بعض نماذج من تفسير الأستاذ، رأينا عليها مسحة الحضارة الغربية، وصبغة التأويل واضحة جلية. مما يؤكد ما ذهبت إليه من قبل.
تاسعًا: تقويم التفسير:
لقد كان الأستاذ رائد الفكر في هذا العصر، ولقد كانت مدرسته في التفسير مَنْهَلًا لا لأتباعه فقط، بل لجميع المدارس التي جاءت من بعده، ولا عجب في ذلك، فشخصيته ومركزه وثقافته تخوله كل ذلك، ولا يقلل من شأن تفسيره تلك المؤثرات التي تأثر بها، فهذه طبيعة الإنسان بل طبيعة تفكير يكمل بعضه بعضًا، ولقد استطاع الأستاذ رحمه الله أن يخترق هذه الأسوار التقليدية، التي كانت تحول بين كثير من المسلمين وبين فهم القرآن وكيفية الاستفادة منه.
وإذا كان قد بدأ في تفسيره معتدلًا في تأثره بمدرستي الصوفية والسلفية، فإنه كان مبالغًا في تأثره بالمعتزلة كما رأينا. ولكنه كان مغاليًا متطرفًا في تأثره بالحضارة الغربية وفلسفتها. ولقد كانت سيئات هذا التأثر أكبر من حسناته فيما بعد.
ونحن إذ نقدر هذا التفسير، وندعو الله لصاحبه بالرحمة والمغفرة، فإنني كنت أود أن لا ينساق وراء روايات ضعيفة، وإنكار روايات صحيحة أو تأويلها، وألا يخرج بالعقل عن نطاق دائرته، الأمر الذي لقي من المستشرقين استحسانًا بل إعجابًا، وكان له في نفوسهم صدى عميق الأثر، وقد عدوه القوة الوحيدة التي يمكن أن تخترق جدار المحافظين المسلمين. وقد وضح (جب) المستشرق