[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]
ينادون به هو قول الصحابة، أو حتى مذهب الإمام أحمد -رضي الله عنه- ويستشهد بأقوال إمام من أئمة الحنابلة هو العلّامة ابن الجوزي (١).
والشيخ من المعجبين بالإمام الشيخ محمد عبده، وكثيرًا ما يستشهد بآرائه ولا تكاد تمر مسألة من مسائل التفسير، للإمام فيها رأي إلا ونجد الشيخ يذكره، وقد يرتضيه وقد يسكت عنه. إلا أنه لم يطلق لعقله العنان متجاوزًا ما للنص من سلطة كما فعلت المدرسة العقلية. ولم يسر في ركاب الذين يحاولون تحميل النص، ليقبسوا منه النظريات كما فعلت المدرسة العلمية، لذا آثرنا عده في مدرسة الجمهور.
على أن هناك بعض المسائل، رأى الشيخُ فيها رأيًا غير ما ارتآه السابقون ولا بد أن نعرض لبعض تلك المسائل، التي ندرك منها رأي الشيخ، نقف معه مناقشين وإن كنا لا ندانيه.
[رأيه في القتال]
يقول: "أما مسالمة المسلمين لغير المسلمين، فقد أثار القول حولها من فهم ظواهر الأمور، ولم يتغلغل في بواطنها، إذ قال إن الإسلام قد أباح القتال. والقتال والسلام نقيضان لا يجتمعان، والكثرة الكبرى من فقهاء المسلمين تقرر أن الأصل في العلاقة الدولية بين المسلمين وغيرهم الحرب، حتى يتقدموا بعهد أو موادعة كما قال سبحانه:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[الأنفال: ٦١].ذلك قول الذين فهموا الأمور بظواهرها. الحقيقة أن الإسلام دعا إلى السلام وحثّ عليه، ومبدؤه العام التعارف بين بني الإنسان لا التنابذ بينهم. ولذا قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]. فما جاء الإسلام للحرب والخصام، بل جاء بالهدى والسلام، لكن سلام الإسلام سلام عزيز قوي، وليس بسلام ذليل خانع، أباح الإسلامُ القتال،
(١) لواء الإسلام، العدد التاسع، السنة الثامنة، وبحث عن العقيدة في القرآن، كتبه لمجمع البحوث.