للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا نفهم معنى الحديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) (١).

٣ - وأحيانًا يكون الغرض من العلم المضاف إلى الله تعالى تذكير المؤمنين بعلم الله، وبعث الثقة في نفوسهم والاطمئنان في قلوبهم، والحث على المراقبة من غير أن يكون هناك قصد إلى التهديد أو الوعيد {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٣٦].

٤ - وفي تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: ٥٠] يقول (٢): "الفرق: الفصل بين الشيئين، يقال فرق كذا أي فصل بعضه عن بعض والبحر: الماء الكثير مجتمعًا بمكان ملحًا كان أم عذبًا. والواقعة تقتضي أنه بحر يصل مصر بالأرض المقدسة. وقال المفسرون: هو بحر القلزم (البحر الأحمر).

وقد انفلق البحر عند انتقال موسى عليه السلام ببني إسرائيل إلى الأرض المقدسة، فمروا في طريق يبس والأمن محيط بهم من كل جانب حتى بلغوا شاطئ النجاة. ومعنى {فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}. فصلنا بعضه عن بعض من أجلكم، أي من أجل مروركم فيه. وهذا معنى قولهم: إن الباء في قوله {بِكُمُ} السببية.

وإذا نظرنا إلى ما جاء في آية أخرى، من أن موسى عليه السلام ضرب البحر بعصاه فانفلق، ثم إن القوم بعد انفلاق البحر بعصا موسى توسطوه بسيرهم بين جنبيه، ومن توسط شيئًا صح أن يقال: إنه فرق بعضه عن بعض، فيقال إن القوم فرقوا البحر على معنى أنهم فصلوه بعضه عن بعض بسيرهم في وسطه. ونسب الله فرق البحر بهذا المعنى إلى نفسه، فقال {فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}، ليدل على أن القوم فرقوا البحر وقد طاعوه وعبروه، وهو معهم برعايته وعونه، فيؤول معنى {فَرَقْنَا


(١) المرجع السابق ص ٧٨ - ٧٩.
(٢) لواء الإسلام العدد الثالث السنة الثانية ص ٧ - ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>