والنور كليهما تعبيرًا مجازيًا، فلا داعي إذًا لكل هذا. نعم تلتمس مثل هذه الفروق إذا كان التعبير عن أشياء محسوسة، تعبيرًا حقيقيًّا وكانا مجتمعين، مثل قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا}[يونس: ٥].
[٢ - تفسيره للنجم الثاقب]
وحينما يعرض لقول الله تعالى {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: ١ - ٣] يقول إن هذه الآية تفيد حركة النجم. مع أن هناك آية أخرى من كتاب الله وهي قوله {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}[النحل: ١٦]، تفيد الثبوت والسكون، وهذا تناقض بين الآيتين، ولكنه تناقض ظاهري، ثم يحل لنا هذا الإشكال في رأيه بآية أخرى، وهي قول الله تعالى في سورة طه {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى}[طه: ٤] ووجه الاستدلال كما يصوره أن السماوات وصفت بالعلو. فالنجوم التي ترى ثابتة إنما هي متحركة في الواقع ونفس الأمر، ولكن بُعدها عنا يجعلنا نراها كأنها ثابتة.
والعجب كل العجب مما ظنه الأستاذ تناقضًا، فإن قول الله تعالى (علامات) تابع للآية التي قبلها، وهي قوله تعالى في سورة النحل {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلَامَاتٍ} [النحل: ١٥، ١٦] والاهتداء بالنجم لا يستلزم كونه ثابتًا أو متحركًا ولا مانع أن تكون الهداية بالنجم حال تحريكه وسيره، وبخاصة إذا كان هذا السير في طريق ثابت دون تحول أو تغير. حتى في هذه الحالة نفسها يكون معروفًا لدى السيارة فلا داعي لكل هذا، مع أن ما استدل به المؤلف لإزالة التناقض الظاهري الذي زعمه بعيد كلّ البعد.
[٣ - تفسيره (المعراج)]
وعند حديثه عن النجوم والكوكب والسراج، يعرض لقول الله تعالى، وهو يخاطب نبيه عليه وآله الصلاة والسلام {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا